الفتاة وابن المنحوسه "5"بقلم:أحمد بارود

جميله .. انظري يابنتي من بالباب .. لعله أبوك ..
أظنه ليس أبي
من سيكون إذن
لو كان أبي لدفع الباب من غير استئذان كعادته
صحيييح .. يبدو أنني صرت أنسى كثيرا هذه الأيام ..
توجهت الأم نحو البابثم سحبت المزلاج وأطلت برأسها إلى الخارج ثم عادت وصفقته بعنف.. ورجعت باديا عليها الهلع .
أقبلت البنات مسرعات إثر سماعهن الصفقه القوية يستطلعن الأمر ,قبادرت الام بأمرهن غاضبة ... عُدن حالا إلى الداخل
ما الذي رأته الام فأغضبها .......
من الذي طرق علينا الباب ياأمي؟ سألتهاسميحة البنت الكبرى
هذا غراب البين .. ردّت الأم
غراب البين؟! تساءلت البنت الثانية بتعجب
قلت لكن لا أريد سماع شيئ.........
عاد الطرق على الباب مرة أخرى ليقطع كلام الام التي توجهت ,بعصبية هذه المرة, لتقف عند العتبة دون أن تفتح الباب وهي تقول
..قلت لك غادر من هنا قبل أن أصفعك بالنعال على رأسك ورأس أمك .. عال والله .. لم يبق علينا سوى أن نستضيف أمثالك من المنحوسين.......
ما أن عرفت جميلة أنه المسكين حتى وجدت نفسها مضطرة لأن تتحدى امها .. إذ لن تكتفي هذه المرة بالشفقة مادام بوسعها أن تفتح له الباب .. فلا يمكن ان يصير المرء شجاعا في ظلم الناس وأخطائهم, في الخارج,إن لم يكن شجاعا ,بداية, على مواجهة ظلم الداخل وأخطاءه ...
أسرعت جميلة نحو الباب لتفتحه ,فتصدت لها الأم ودفعتها بقوة فاختل توازنها ووفعت لترتطم رأسها بالحوض الفخاري المعد لحفظ مياه الشرب .. تهشم الحوض ونزف دمها .................
أسرعت شقيقتها الكبرى ,سميحة, لتأخذ بيدها وتساعدها على النهوض وهي تقول لها....
تستحقين ياجميلة أكثر من هذا .. لان من تكسر كلا أمها تستحق أن يُكسر رأسها .....
شعرت جميلة حينها أن من السهل عليها الآن الثورة في شقيقتها متخطية بذلك محاذير وعواقب الثورة في وجه أمها .. فصاحت ترد على سميحة
...وماذا إذن يستحق ياسميحة من يقهر اليتيم والمسكين وينهر السائل؟!!
أم كلام الأم أعظم وأجل قدرا من كلام رب الناس؟! أم لارب لكم في هذه الدار؟!......
تراجعت سميحة والتفتت نحو أمها تعيد عليها نفس السؤال...
أجيبي ياأمي .. ماذا يستحق من .........
أنا لم أقهر أحدا .. ردّت الام مقاطعة .. كما ان هذا ليس مسكينا ..ثم تقدمت من جميلة تحنو عليها ...
بل أنت المسكينة يابنتي , فلا يستحق هذا المنحوس أن تنزفي من أجله هذه الدماء ياحبيبتي.. ثم نزعت المنديل عن رأسها وأخذت تمسح به وتجفف دم ابنتها الذي غطى صفحة خدها إلى عنقها وهي تقول ..
ألا ترين يابنتي كيف ان قدومه قد تسبب لك بالاذى .. هل تريدين أكثر من هذا الدم برهانا على أنه يجلب النحس معه أينما ذهب وحيثما حلّ .. ثم أجهشت باكية .....
أم جميلة ككل الأمهات في هذه البلدة ,كريمة العين شحيحة الفهم , ما أسهل أن أن يفجر جرحا طفيفا ينابيع حزنها ودمعها لكن .. ما أن يلتئم الجرح حتى تجف كل الينابيع .. بينما لا تفهم ان ما يظل, بعد التئام الجرح,في الذاكرة ,صورة لمجتمع ,كاملٍ, سطحيٍّ كجرحها وأجوف كرأس أمها
......... أمسكت جميلة يد أمها وأبعدتها برفق وهي تقول لهل
.. أمي.. حافظي على دموعك لمناسبة أخرى أكثر دموية
عاد الطرق على الباب مرة أخرى .. فتقدمت جميلة لتفتحه دون أن يعترضها أحد هذه المرة ..
بدا المسكين "ابن المنحوسة", عندما رآها, كمن يريد أن يتكلم قتتعثر الكلمات ولا تخرج أبعد من شفتيه وقد انفرجتا قليلا ,فيما عيناه قد تجللتا بمسحة شفافة من الدمع الذي تكور وسال من كل عين قطرة ,تتكسرعليهاأشعة النور المنبعثة من السراج, عبر فتحة الباب, فتنعكس بألوان مختلفة كأنها قد اضطدمت بكرات من بلور وجاجي مزخرف ....
أردت أن أا.....تلعثم المسكين
أطلت سميحة برأسها من فوق كتفي جميلة لتقول
ماذا أردت يابن المن........... كلا .. اعترضتها جميلة بصرخة أوشكت ,لشدتها وحدتها, ان تجرح حنجرتها
.. اندفعت الأم والبنت الثانية نحو الباب , فخشبت جميلة أنهما يضمرن للمسكين سوءً ,فسبقتهن بالخروج لتجعل من جسدها سدّا أمامه لتحميه كعادتها عندما كانت تتصدى من أجله للاولاد في الحارة .
قد يتبع